AddThis

Bookmark and Share

Saturday, February 20, 2010

انقلاب تموز

تأملت طوبلا و تابعت ردود أفعال و تصرفات بعض القوى السياسية العراقية التي عمدت لتجهيز جماهيرها و تحفيزهم لما قالوا أنه تخليد للذكرى ( الذهبية ) لما أسموه بثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 في العراق و التي أطاحت بالنظام الملكي الدستوري الشرعي الذي أسس العراق الحديث و بنى كل حجرة قانونية و دستورية فيه ، و أقام المؤسسات الوطنية ،و شيد اللبنات الأولى و المؤسسة للدولة العراقية الحديثة ، و الذي كان أول نظام وطني عراقي و عربي و إسلامي حكم العراق و اداره منذ سقوط الدولة العباسية عام 1258 وسط صعوبات هائلة و تحديات ليست سهلة لعل أهمها تأكيد و توطيد الحدود الوطنية للعراق و محاولة التخلص من الضغوط الكبيرة للجارين الكبيرين نركيا الكمالية و إيران البهلوية اللتان كانت لهما اطماع كبيرة في الأراضي العراقية ، فمشكلة تبعية لواء الموصل الذي كانت تطالب تركيا الجديدة به كانت تشكل هاجسا مرعبا لإنبثاق العراق الجديد ، قبل أن تحسم عصبة الأمم الموقف و بمساعدة فعالة من بريطانيا الموقف عام 1925 و ترسخ عراقية و عروبة لواء الموصل و بشكل نهائي ، كما أن أطماع إيران البهلوية بمياه شط العرب كانت تشكل عنصرا قلقا من عناصر ترسيخ و تعزيز كيان العراق الجديد وهو ما توصل إليه المفاوض العراقي في عقد إتفاقية عام 1937 الحدودية التي كانت إتفاقية متوازنة و مشرفة حفظت حدود العراق الجديد الضعيف ولم تتوصل أو تتمكن جميع ألأنظمة الجمهورية التي حكمت العراق منذ 1958 إلى ما يشابهها حتى فرط نظام صدام حسين ( الثوري ) بشط العرب بشكل ذليل في إتفاق الجزائر الحدودي لعام خمسة و سبعين ، وهو ألأمر الذي لم يفعله النظام الملكي الهاشمي العراقي الذي رحل وقد شيد للعراق كل أركانه الدستورية و حفظ وحدته الوطنية و أبتدأ برنامجا وطنيا طموحا للإعمار و التنمية من خلال إقامة مجلس الإعمار و إقامة برامج التنمية و التطوير ، إضافة لإبعادة لأخطار تورط العراق في حروب و مشاكل إقليمية من خلال جعل العراق الضعيف محورا ستراتيجيا مهما من خلال حلف بغداد الذي إحتوى بالكامل كل مخاطر التهديدات التركية و الإيرانية بعد أن أصبح العراق عنصرا إقليميا و دوليا و لا عبا فاعلا في شؤون المنطقة نخطب وده الدول الكبرى و تتبارى الشركات الدولية في الدخول لساحته و يحقق تقدما إجتماعيا و علميا ملموسا ، فالعراق الملكي كان الدولة الأولى في الشرق ألأوسط الذي أدخل البث التلفزيوني عام 1956
كما كان أفواج الطلبة المبعوثين للخارج لتحصيل العلم تمثل حالة نهضوية غير مسبوقة و لم تكن للطائفية أو المناطقية أية مؤثرات حقيقية و فاعلة كما جرى عليه الحال بعد ذلك بعقود ، و كانت الزراعة في أبهى حالاتها حيث كانت فوائض العراق الزراعية تصدر للخارج قبل أن يحل على العراق القحط و الجدب و الفقر و الموت و رياح التخلف المريعة التي أعادته لأيام معركتي الجمل و صفين!!؟، ولو قدمنا مقارنة موضوعية بعيدة عن أسس الصراع الفكري و الآيديولوجي المريضة لرجحت بالتأكيد كفة النظام الملكي العراقي و لعرفت الأجيال الجديدة و الشابة من العراقيين أي جريمة إقترفتها الأحزاب السياسية العراقية المنقرض منها أو الباقي وهي تشوه التاريخ و تشوه الذاكرة الوطنية و تخلد ذكرى جريمة وطنية مريعة أرتكبت بسابق الإصرار و الترصد ضد نظام وطني و أسرة شريفة مجاهدة قدمت للعراق خدمات لن ينساها التاريخ ، و لعل أكبر ألأحزاب العراقية التي تمجد بالإنقلابيين و تشوه العهد الملكي هو الحزب الشيوعي العراقي و الذي كان يتصدر الصراع ضد النظام الملكي و يحرض علنا و يدعو لإسقاطه و ساهم بالفعل في المجازر التي جرت بعذاك قبل أن يصبح هو نفسه ضحية من ضحايا المجازر و القمع و الإرهاب التي خلدها في أدبياته و دعا لها جهرا و علانية ، و للتاريخ و الحقيقة أقول و دون تردد و ليعذرني أصدقائي الشيوعيين من أن حزبهم كان ووفقا لطبائع ألأمور و طبيعة إصطفافات القوى و المحاور في مرحلة الحرب الباردة بمثابة عميل رسمي و معتمد للإتحاد السوفياتي و كانت أوامر الروس بمثابة فرمانات مقدسة لا تناقش أبدا ؟ و الطريف أن الشيوعيين وهم يتهمون النظام الملكي بالعمالة للغرب و يتهمون الشهيد المرحوم الرئيس نوري السعيد بكونه عميل بريطاني دار الزمن دورته لنراهم بعد أربعة عقود من إنقلاب الضباط الأسود وهم يأتون خلف دبابات الإحتلال ألأمريكية ليأخذوا الفتات من كعكة السلطة في العراق!! و ليتحكم بهم و بحزبهم الذي إنقرضت مرجعيته غلمان إيران و عصابات ألأحزاب الطائقية المتخلفة التي أضحت اليوم للأسف هي المعبرة عن وجه العراق الجديد الكالح الغبر المغلف بكل صنوف التخلف ، لقد كانت الحبال التي أشهرت صبيحة الرابع عشر من تموز قبل خمسين عاما و نيف بمثابة القانون الجديد في العراق ، كما كانت شعارات دموية زاعقة من أمثال ( إعدم.. إعدم.. جيش و شعب يحميك.. إعدم )؟ بمثابة الدستور المكتوب لسلطات الموت و التخلف التي حكمت العراق بعد رحيل الملكية الدستورية التي رغم كل نواقصها و مثالبها كانت حالة حضارية و دستورية متميزة في الشرق الأوسط ؟ حتى أولئك الذين تم أعدامهم في عهد النظام الملكي لم يعدموا بأحكام عرفية أو محاكم إستثائية و ثورية لا تعرف أحكامها النقض بل حكموا في محاكم قانونية و في ظل ضمانات كاملة و أدينوا بسبب عمالتهم للأجنبي ، و اليوم حينما تخلد بعض ألأحزاب العراقية التعبانة و المعفرة بغبار الأحتلال ألأمريكي ذكرى اليوم الدموي الأسود فإنها تمارس للأسف تزويرا للعقلو التاريخ العراقي و تشوه ذاكرة الأجيال و تحصد هشيما بعد أن زرعت الدمار و أسست للعار الوطني الشامل الذي نعيش ، ما حصل في يوم الرابع عشر من تموز من أفعال إجرامية مريعة كان عارا وطنيا ينبغي أن تذكر حقائقه الكاملة و الحقيقية دون أي مشاعر نفاق و تزلف ، و الخطوة ألأولى لبناء وطني عراقي جديد ينبغي أن تكون من خلال المصالحة مع الذات و التاريخ و الإبتعاد عن تخليد الهمجية و أعمال القتل.. و ما نراه اليوم من همجية رثة ومرعبة في الشارع العراقي هو النتيجة الطبيعية لجريمة يوم الرابع عشر من تموز المخجلة و التي لم نر اليوم أي حزبا عراقيا سياسيا قد قام بإدانتها أو التحلل من آثامها... وفي ذلك قمة النفاق ؟ فلا تتوقعوا أي إنفراج في الوضع العراقي طالما كانت عقلية تمجيد القتلة و الطغاة و الأعبياء من ألإنقلابيين العسكريين هي السائدة..! تلك هي الحقيقة العارية للأسف.. و إلى مزيد من المجازر العراقية الشاملة.. فالتاريخ لا يجامل القتلة و المجرمن..؟


dawoodalbasri@hotmail.com

كروب

انصار الملكية الهاشمية في العراق

No comments: